عطاء القلوب
اهلا ومرحبا باجمل زوار وافضل اعضاء دائما بصحة وعافية
عطاء القلوب
اهلا ومرحبا باجمل زوار وافضل اعضاء دائما بصحة وعافية
عطاء القلوب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


نسائى اجتماعى اسرى دينى اخبارى
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل<head><title>WELCOME</title> <meta http-equiv="Content-Type" content="tex" border="0" hspace="0" alt="تسجيل دخول الاعضاء" title="تسجيل دخول الاعضاء" />

 

 الموت‌ هو نوم‌ ثقيل‌، و النوم‌ هو موت‌ خفيف‌

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
مدير المنتدى
مدير المنتدى
Admin


عدد المساهمات : 2999
تاريخ التسجيل : 28/10/2010
الموقع : مصر
المزاج معتدل

الموت‌ هو نوم‌ ثقيل‌، و النوم‌ هو موت‌ خفيف‌  Empty
مُساهمةموضوع: الموت‌ هو نوم‌ ثقيل‌، و النوم‌ هو موت‌ خفيف‌    الموت‌ هو نوم‌ ثقيل‌، و النوم‌ هو موت‌ خفيف‌  Emptyالخميس يناير 27, 2011 11:58 am


الموت‌ هو نوم‌ ثقيل‌، و النوم‌ هو موت‌ خفيف‌

لقد كان‌ القصد من‌ ذكر هذه‌ الروايات‌ بيان‌ أنّ الروح‌ حيّة‌ بعد الموت‌ معذّبة‌ أو منعّمة‌، أشبه‌ بالحلم‌ الذي‌ يراه‌ الإنسان‌ في‌ النوم‌ فهو امّا مسرور برؤية‌ المناظر الخلاّبة‌ أو مغموم‌ بمشاهدة‌ المناظر المرعبة‌ المحيّرة‌، فكلاهما ينبع‌ من‌ مقولة‌ و أساس‌ واحد. يشهد علی هذا الامر انّه‌ يروي‌ عن‌ كتاب‌ معاني‌ الاخبار بنفس‌ السند الاخير الذي‌ ذُكر، عن‌ الامام‌ محمّد النقي‌ عليه‌ السلام‌ أنّه‌ سُئل‌ عن‌ حقيقة‌ الموت‌ فقال‌: هو النوم‌ الذي‌ يأتيكم‌ كلّ ليلة‌ الاّ أنّه‌ طويل‌ مدّته‌ لا ينتبه‌ منه‌ الاّ يوم‌ القيامة‌، فمن‌ رأي‌ في‌ نومه‌ من‌ أصناف‌ الفرح‌ ما لا يقادر قدره‌ و من‌ أصناف‌ الاهوال‌ ما لا يقادر قدره‌؟ فكيف‌ حال‌ فرح‌ في‌ النوم‌ و وجل‌ فيه‌؟ هذا هو الموت‌ فاستعدّوا له‌. فهذه‌ الرواية‌ صريحة‌ في‌ ان‌ النوم‌ و الموت‌ كلاهما واحد، غاية‌ الامر انّ الموت‌ أعمق‌ و أثقل‌ بقدرٍ ما، بينما النوم‌ أخفّ و أكثر سطحيّة‌. و لذا يمكن‌ القول‌ أنّ الموت‌ هو نوم‌ ثقيل‌، و انّ النوم‌ هو موتٌ خفيف‌ سطحي‌ّ.
و علی هذا الاساس‌ فقد ورد في‌ مصباح‌ الشريعة‌، طبع‌ «مركز نشر كتاب‌» طهران‌ 1379 ه ق‌، الباب‌ 44، ص‌ 29: قال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌:
" إنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ وَ اسْتَدِلَّ به‌علی الْمَوْتِ الَّذِي‌ لاَ تَجِدُ السَّبِيلَ إلَي‌الإنْتِبَاهِ فِيهِ وَ الرُّجُوعِ الی إصْلاَحِ مَا فَاتَ عَنْكَ".
و كذلك‌ روي‌ في‌ الجامع‌ الصغير للسيوطي‌ ج‌ 2 ص‌ 189 شركة‌ مكتبة‌ و مطبعة‌ مصطفي‌ البابي‌ الحلبي‌ بمصر، الطبعة‌ الرابعة‌، عن‌ رسول‌ اللَه‌ صلي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌: النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ وَ لاَ يَمُوتُ أَهْلُ الْجَنَّةِ. و رواه‌ في‌ كنوز الحقائق‌، ص‌ 143، بهذه‌ العبارة‌:
النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ وَ أَهْلُ الْجَنَّةِ لاَ يَنَامُونَ وَ لاَ يَمُوتُونَ.

ماهيّة‌ حقيقة‌ النوم؟‌

لقد تحيّر جميع‌ فلاسفة‌ العالم‌ و حكماؤه‌ الكبار في‌ ماهيّة‌ حقيقة‌ النوم‌، كما انّهم‌ متحيّرون‌ في‌ ماهيّة‌ الموت‌، فلم‌ يستطع‌ أحد منهم‌ حتّي‌ الآن‌ أن‌ يدرك‌ أسرار النوم‌ و يكشف‌ الستار عنه‌، كما لم‌ يستطع‌ أحدهم‌ أن‌ يدرك‌ أسرار الموت‌ و يصل‌ الی حقيقته‌. و الفارق‌ الذي‌ يمكن‌ وضعه‌ بين‌ هذين‌ الاثنين‌ أنّ البدن‌ يسكن‌ حال‌ النوم‌ فتقلّ فعاليّته‌ و أعماله‌ التي‌ يقوم‌ بها، فيقلّ جريان‌ الدمّ و ترتاح‌ الاعصاب‌ و تسترخي‌ بدرجة‌ أكبر، و ينبض‌ القلب‌ و تعمل‌ سائر الاعضاء الرئيسيّة‌ و الثانويّة‌ و الجوارح‌ و الامعاء بدرجة‌ أخفّ و تستمر في‌ عملها، ويفقد البدن‌ من‌ حرارته‌ الی حدّ معيّن‌، لذا يكثر إصابة‌ الإنسان‌ بالبرد حال‌ النوم‌، و يتوجّب‌ عليه‌ لذلك‌ تدثير نفسه‌ بدثار وعظاء، لكن‌ الامر ليس‌ كذلك‌ حال‌ الاستيقاظ‌، فَلِمَ يكون‌ ذلك‌؟ ذلك‌ لان‌ الروح‌ تقلل‌ علاقتها و رابطتها بالبدن‌ حال‌ النوم‌، لكنها لا تقطع‌ تلك‌ العلاقة‌ و الرابطة‌،بل‌ تبقي‌ تلك‌ العلاقة‌ باقية‌ اجمالاً، لذا فانّ البدن‌ يقوم‌ بأعماله‌ بواسطة‌ هذا القدر من‌ العلاقة‌ الاجماليّة‌. امّا عند الموت‌ فانّ الروح‌ تقطع‌ علاقتها و رابطتها بالبدن‌ كليّاً و تنصرف‌ الی عالم‌ التجرّد المحض‌ المطلق‌. و كما انّ الروح‌ تتحرّك‌ حال‌ النوم‌ الی عالم‌ التجرّد عموماً، و هو نفسه‌ عالم‌ الملكوت‌ الاسفل‌ و عالم‌ الصورة‌ و المثال‌، فيرقد البدن‌ علي‌الارض‌؛ فكذلك‌ تتحرك‌ الروح‌ عند الموت‌ الی ذلك‌ العالم‌ أو الی الملكوت‌ الاعلي‌ و عالم‌ المعني‌ و عالم‌ النفس‌ فتترك‌ البدن‌ و تدعه‌ و شأنه‌. لذا فانّ النوم‌ هو الموت‌ لعدّة‌ ساعات‌، كما أنّ الموت‌ هو النوم‌ الدائمي‌ المستمر، و لا فرق‌ هناك‌ بين‌ الموت‌ لعدّة‌ سنوات‌ أو لعدّة‌ مئات‌ من‌ السنين‌ أو لعدّة‌ آلاف‌ منها؛ كما لا فرق‌ هناك‌ بين‌ النوم‌ لدقيقة‌ واحدة‌ أو لساعة‌ واحدة‌ أو لعدّة‌ ساعات‌. و كما قد لوحظ‌ انّ هناك‌ حالات‌ متفاوتة‌ لدرجات‌ النوم‌، فالبعض‌ ينامون‌ نوماً خفيفاً بحيث‌ يستيقظون‌ لادني‌ صوت‌ أو حركة‌، بينما ينام‌ البعض‌ الآخر نوماً ثقيلاً، و البعض‌ الآخر نوماً أثقل‌ بحيث‌ لا توقظهم‌ الحركات‌ الشديدة‌ و هدير الطائرات‌ و صوت‌ الرعد، فانّ بعض‌ الناس‌ لهم‌ موت‌ خفيف‌، فهم‌ يُبعثون‌ و يهاجرون‌ بمجرّد الدعوة‌ الی مقام‌ عزّ ذي‌ الجلال‌ و الحركة‌ للقيامة‌ الكبري‌، في‌ حين‌ انّ موت‌ البعض‌ الآخر ثقيل‌ وأثقل‌ بحيث‌ ينبغي‌ النفخ‌ في‌ الصور لتستيقظ‌ الارواح‌ و تُبعث‌ فتحضر في‌ القيامة‌ الكبري‌. و يمكن‌ القول‌ اجمالاً بعبارة‌ اخري‌ انّ الانسان‌ ينام‌ حال‌ حياته‌ وعيشه‌ نوماً مؤقّتاً و قصيراً ثمّ يستيقظ‌، و لكنّه‌ ينام‌ حال‌ موته‌ نوماً طويلاً ثم‌ يستيقظ‌ بعده‌ و يُبعث‌ حيّاً. فهذا الانسان‌ سيحضر يوم‌ القيامة‌ في‌ هيئة‌ اخري‌ و شكل‌ آخر، هو الصورة‌ و الهيئة‌ الواقعيّة‌ لنفسه‌ الناطقة‌.

ثلاث‌ مراحل‌ وجوديّة‌ للإنسان‌

ثلاث‌ مراحل‌ وجوديّة‌ للإنسان‌: الطبع‌ و المادّة‌، الذهن‌والبرزخ‌،الروح‌والنفس.‌
ان‌ الانسان‌ يمتلك‌ مراحلاً ثلاثاً، الاولي‌: بدنه‌ الذي‌ يعبّر عنه‌ بعالم‌ الطبع‌ و المادّة‌. و الثانية‌: القوي‌ الفكريّة‌ و التخيّليّة‌ التي‌ يعبّر عنها بعالم‌ المثال‌ و الصورة‌. و الثالثة‌: روحه‌ و نفسه‌ التي‌ يعبّر عنها بعالم‌ النفس‌. فهذه‌ المراحل‌ الثلاث‌ غير منفصلة‌ عن‌ بعضها، بل‌ متّصلة‌ و متداخلة‌. فهي‌ ليست‌ كمثل‌ حبّة‌ من‌ الحمص‌ نضعها جنب‌ حبّة‌ من‌ اللوبياء، و لا كمثل‌ ملعقة‌ نضعها داخل‌ كوب‌ و نضع‌ الكوب‌ داخل‌ وعاء، بل‌ لا انفكاك‌ للبدن‌ عن‌ الصورة‌ و لا للصورة‌ عن‌ الروح‌، البدن‌ مندكّ في‌ الصورة‌ و الصورة‌ مندكّة‌ في‌ النفس‌.

تشبيه‌: انّ الجوزة‌ الواحدة‌ او حبّة‌ اللوز الواحدة‌ تمتلك‌ جسماً، و تمتلك‌ زيتاً، و تمتلك‌ عصارة‌، فالمرحلة‌ الاولي‌ هي‌ جسمها الذي‌ يمثّل‌ هيكلها، و المرحلة‌ الثانية‌: الزيت‌ الذي‌ ليس‌ خارجاً عن‌ الجسم‌، بل‌ منتشر مبثوث‌ في‌ جميع‌ أعضاء و أجزاء هذا الجسم‌ و له‌ حكم‌ روحه‌.
و المرحلة‌ الثالثة‌: الجوهر و العصارة‌ الذي‌ ليس‌ منفصلاً هو الآخر عن‌ الزيت‌، بل‌ منتشر في‌ جميع‌ ذرّات‌ الزيت‌ و له‌ حكم‌ روحه‌.
بيد أنّ هذا التشبيه‌ يتفاوت‌ مع‌ مورد بحثنا في‌ اندكاك‌ البدن‌ في‌ الصورة‌، و الصورة‌ في‌ النفس‌ في‌ جهتين‌:
الاولي‌: انّ العصارة‌ و الجوهر في‌ حبّة‌ اللوز مندكّة‌ في‌ الزيت‌، والزيت‌ مندكّ في‌ حبّة‌ اللوز، في‌ حين‌ أن‌ الامر معكوس‌ في‌ مورد البحث‌، فالجسم‌ مندكّ في‌ الصورة‌ و المثال‌، و المثال‌ مندكّ في‌ النفس‌.
و الجهة‌ الثانية‌: انّ العصارة‌ في‌ حبّة‌ اللوز هي‌ داخل‌ الزيت‌ حقيقةً، والزيت‌ داخل‌ أجزاء الحبّة‌ حقيقةً؛ أمّا في‌ مورد البحث‌ فليس‌ في‌ الامر تداخل‌؛ بل‌ ان‌ للروح‌ إحاطة‌ بالمثال‌ و شمول‌ له‌، و للمثال‌ إحاطة‌ بالبدن‌ وشمول‌ له‌، لكننا نقول‌ من‌ باب‌ ضيق‌ التعبير بانّ البدن‌ داخل‌ في‌ المثال‌ والمثال‌ داخل‌ في‌ النفس‌.

و علی كلّ حال‌ فاننا نقول‌ في‌ هذا التشبيه‌ بأنّ بدن‌ الانسان‌ يشبه‌ حبّة‌ اللوز، و عالم‌ المثال‌ و الصورة‌ في‌ الانسان‌ كزيت‌ اللوز، كما ان‌ عالم‌ نفس‌ الانسان‌ و روحه‌ كجوهر اللوز و عُصارته‌.
اننا نري‌ جميعاً بدن‌ الانسان‌ ـ الذي‌ هو طبعه‌ و مُلكه‌ ـ و نحسّ به‌، أمّا مثاله‌ الذي‌ هو عالم‌ ذهنه‌ فمجرّد يمثّل‌ عالم‌ ملكوته‌ الاسفل‌، كما انّ نفسه‌ التي‌ هي‌ روحه‌ لها تجرّد أكثر، فهي‌ تمثّل‌ عالم‌ ملكوته‌ الاعلي‌. ان‌ روح‌ الانسان‌ و نفسه‌ الناطقة‌ لا تخضع‌ للتغيّر و التبدّل‌ منذ ولادته‌ الی زمن‌ رحيله‌، بل‌ تبقي‌ معه‌ فتحدّد معالم‌ شخصيّته‌ الإنسانيّة‌، بيد انّها تمتلك‌ تكاملاً يرتقي‌ بها من‌ مراحل‌ الاستعداد و القابليّة‌ الی مرحلة‌ التعيّن‌ والفعليّة‌.

عالم‌ ذهن‌ الانسان‌

إنّ عالم‌ ذهن‌ الانسان‌ و مثاله‌، الذي‌ يُدعي‌ أيضاً بعالم‌ البرزخ‌، لا يتغيّر و لا يتبدّل‌ بل‌ يطوي‌ مراحل‌ من‌ مراحل‌ التكامل‌. علی انّ بدن‌ الانسان‌ في‌ حال‌ تغيّر و تبدّل‌ دائمي‌ّ، فهو يفقد كلّ يوم‌ أجزاء منه‌ و يضيف‌ الی نفسه‌ أجزاء جديدة‌ أخري‌، حيث‌ يقوم‌ الغذاء بتعويض‌ الاجزاء المنحلّة‌ و التالفة‌ من‌ الجسم‌، و عليه‌ لذلك‌ ان‌ يصل‌ الي‌تلك‌ الاجزاء فيملا مكان‌ الاجزاء التالفة‌ و يرمّمها. و حين‌ ينام‌ الانسان‌ فانّه‌ يريح‌ بدنه‌ علی الارض‌، لكنّ عالم‌ مثاله‌ وذهنه‌ لا يرقد علی الارض‌، بل‌ يبقي‌ متيقّظاً متحرّكاً يحلّ المسائل‌ الفكريّة‌ و يقوم‌ بالعبادة‌ و بالمجادلات‌ و المنازعات‌، و بالنكاح‌، و يحلّق‌ في‌السماء و يسبح‌ في‌ البحر و يقوم‌ بآلاف‌ الاعمال‌ بصور مختلفة‌ نعبّر عنها بالحلم‌ و الرؤيا. و هكذا نراه‌ يصبح‌ في‌ بعض‌ الاحلام‌ عصبيّاً و منزعجاً ينازع‌ و يقاتل‌ و الخوف‌ و الحيرة‌ تملا كيانه‌، كما نره‌ في‌ بعضها الآخر مستغرقاً في‌ السرور و الانبساط‌ ليّناً مسالماً الی أبعد الحدود. ثمّ ينهض‌ من‌ النوم‌ فيخيّل‌ اليه‌ انّ بدنه‌ قد قام‌ بتلك‌ الاعمال‌ و انّه‌ قد حلّق‌ فعلاً بهذا البدن‌ الترابي‌ّ و نازع‌ و جادل‌ و قاتل‌ و قام‌ بالاسفار الطويلة‌. فيستفسر من‌ رفيقه‌ و صاحبه‌ الذي‌ كان‌ صاحياً: ما الذي‌ فعلتُ؟ و أين‌ ذهبتُ؟ و كم‌ شخصاً قتلتُ؟ و ما المباهج‌ التي‌ تمتّعتُ بها؟ فيقول‌ رفيقه‌ في‌ جوابه‌: لا شي‌ء، لا شي‌ء مطلقاً، فقد كان‌ بدنك‌ مطروحاً علی الارض‌ بلا حراك‌، و لم‌ يبدر منك‌ أبداً أي‌ حركة‌ و لا كلام‌. بلي‌، لم‌ يقم‌ بدنه‌ بتلك‌ الاعمال‌، و لم‌ يرتجل‌ لسانه‌ اللحمي‌ّ تلك‌ الخُطب‌، كما لم‌ تشاهد عيناه‌ الظاهريّتان‌ القابعتان‌ في‌ فجوتي‌ رأسه‌ مناظر الحلم‌ العجيبة‌ المدهشة‌، و لا سمعت‌ أذناه‌ اللتان‌ قوامها اللحم‌ و العظم‌ تلك‌ الاصوات‌ و ذلك‌ الهدير و الضوضاء. لافعال‌ التي‌ يفعلها الإنسان‌ النائم‌ في‌ حال‌ الرؤيا و الموت‌، يفعلها ببدنه‌ المثالي‌ لقد كانت‌ روحه‌ تتحرك‌ في‌ عالم‌ النوم‌ ببدنه‌ الملكوتي‌ و المثالي‌، وكان‌ بدنه‌ المثالي‌ و الصوري‌ يجترح‌ هذه‌ الاعمال‌، و لا علاقة‌ في‌ الامر أبداً بالبدن‌ المادي‌ اللحمي‌ّ. و كذلك‌ فانّ الاعمال‌ التي‌ يقوم‌ بها الانسان‌ حال‌ الصحو و الاستيقاظ‌ انّما تقوم‌ بها روحه‌ بصورتها الملكوتيّة‌ تلك‌، غاية‌ الامر انّ عالم‌ الطبع‌ قوي‌ و عالم‌ المثال‌ ضعيف‌، لذا فانّ الروح‌ لا تقوي‌ علی انجاز جميع‌ الاعمال‌ التي‌ ترغب‌ في‌ انجازها بواسطة‌ البدن‌، و تمنع‌ غلبةُ عالم‌ الطبع‌ الروحَ من‌ كثير من‌ رغباتها. علی أنّ هذه‌ الروح‌ تقوم‌ بصورتها المثاليّة‌ حال‌ الصحو والاستيقاظ‌ بالكثير من‌ الاعمال‌، فتحرّك‌ جسد الانسان‌ و بدنه‌ في‌ متابعتها، مثل‌ جميع‌ الاعمال‌ التي‌ يقوم‌ بها البدن‌. و لكنّها أيضاً تقوم‌ بالكثير من‌ الاعمال‌ مستغنيةً عن‌ البدن‌؛ و فقط‌ تقوم‌ بها في‌ هيئتها المثالية‌، كما يحصل‌ حين‌ يكون‌ المرء جالساً فيتحرّك‌ بقواه‌ الذهنيّة‌ الی مكّة‌ المكرّمة‌، فيحرم‌ في‌ الميقات‌، و يدخل‌ مكّة‌ فيطوف‌ و يصلّي‌ صلاة‌ الطواف‌، ثمّ يسعي‌ بين‌ الصفا و المروة‌، و يقصّر و يقوم‌ بأعمال‌ الحج‌ من‌ الاحرام‌ و الوقوف‌ بعرفات‌ و المشعر و الهدي‌ و رمي‌ الجمار و الحلق‌ و باقي‌ المناسك‌ ثمّ يعود الی حيث‌ كان‌، و قد قام‌ بجميع‌ هذه‌ الاعمال‌ بصورته‌ الملكوتية‌ حال‌ الصحو، و لم‌ يتحرّك‌ بدنه‌ خلالها من‌ مكانه‌ أبداً. و ذلك‌ لان‌ أفراد الناس‌ يقومون‌ حال‌ اليقظة‌ بصرف‌ اهتمامهم‌ الحقيقي‌ الی بدنهم‌ فلا يستطيعون‌ انجاز جميع‌ اعمال‌ النفس‌ بهذا البدن‌، أمّا في‌ عالم‌ النوم‌ فيصبح‌ الاهتمام‌ و العناية‌ بالبدن‌ أضعف‌، فتدرك‌ روح‌ الانسان‌ حقيقتها بصورتها المثالية‌ بدون‌ ملاحظة‌ البدن‌ المادي‌، و تقوم‌ بجميع‌ الاعمال‌ التي‌ تشاءها في‌ قالب‌ المثال‌ و الصورة‌. في‌ حال‌ الصحو و اليقظة‌ تكون‌ الغلبة‌ للتوجه‌ الی البدن‌ و صرف‌ الاهتمام‌ اليه‌، لذا يخال‌ للانسان‌ انّ البدن‌ هو حقيقته‌، امّا في‌ حال‌ النوم‌ فانّ الغلبة‌ للاهتمام‌ بالصورة‌ و القالب‌ المثالي‌، لذا يتصوّر الانسان‌ انّ حقيقته‌ هي‌ تلك‌ الصورة‌ و البدن‌ المثالي‌. و حين‌ تتصوّرون‌ حال‌ اليقظة‌ انكم‌ تذهبون‌ الی مكّة‌، بينما تجلسون‌ هنا، فانكم‌ قد تصوّرتم‌ مكّة‌ و قيامكم‌ بالمناسك‌، أمّا في‌ عالم‌ النوم‌ فانكم‌ قد ذهبتم‌ بأنفسكم‌ الی مكّة‌، و ذلك‌ لان‌ الصورة‌ المثالية‌ في‌ النوم‌ هي‌ حقيقة‌ الانسان‌، و لم‌ يكن‌ الامر انّكم‌ كنتم‌ هنا فتصوّرتم‌ الذهاب‌ الی مكّة‌ خارج‌ وجودكم‌. و علی هذا الاساس‌ فانّ الانسان‌ يمكنه‌ القيام‌ بأعمال‌ مهمّة‌ في‌ عالم‌ النوم‌ يعجز عنها في‌ عالم‌ اليقظة‌، لانّه‌ يحاول‌ أن‌ يفعل‌ ذلك‌ حال‌ اليقظة‌ ببدنه‌ المادي‌ّ فلا تسعفه‌ القدرة‌ علی فعل‌ ما يشاء، امّا عند النوم‌ فانّه‌ يُلقي‌ ببدنه‌ المادي‌ و يفعل‌ أفعاله‌ ببدنه‌ الصوري‌ و المثالي‌ الذي‌ يفوق‌ البدن‌ المادي‌ّ قدرته‌ آلاف‌ المرّات‌، فيجترح‌ الاعاجيب‌، و يحلّق‌ في‌ السماء، ويجتاز من‌ المشرق‌ الی المغرب‌ في‌ لحظة‌ واحدة‌، و يسبح‌ في‌ المحيط‌ الاطلسي‌ فيعبره‌، و يخترق‌ الجدار، و ينفذ من‌ فتحة‌ صغيرة‌ ضيّقة‌ بقدر الاصبع‌، و يختم‌ القرآن‌ في‌ لحظة‌ واحدة‌، و أمثال‌ هذه‌ الامور التي‌ يعجز عن‌ فعلها حال‌ الصحو و اليقظة‌. كما انّ الانسان‌ يخلع‌ بدنه‌ كليّاً عند الموت‌ فيصبح‌ تجرّده‌ آنذاك‌ أقوي‌و روحه‌ أكثر تحرّراً و قدرة‌، لذا تصبح‌ أعماله‌ أعجب‌، فيصير بإمكانه‌ أن‌ يقوم‌ في‌ لحظة‌ واحدة‌ باكتساب‌ العلم‌ بجميع‌ الجهات‌ من‌ عوالم‌ الطبيعة‌ و كيفيّاتها، و ان‌ يمرّ علی جميع‌ أهله‌ و عشيرته‌ فيطلّع‌ علي‌أحوالهم‌، و أن‌ يقبل‌ جميع‌ الهدايا التي‌ يرسلها اليه‌ أصدقاؤه‌ و أرحامه‌ علی هيئة‌ خيرات‌ و مبرّات‌ تظهر بصورة‌ رحمة‌ و نور يمثل‌ غذاءه‌ المعنوي‌ الذي‌ يتمتّع‌ به‌، كما يمكنه‌ ان‌ يفوز بالعلوم‌ الكليّة‌ الالهيّة‌، و ان‌ يطّلع‌ علي‌حالات‌ نفوس‌ الناس‌ و علی اوضاع‌ أهل‌ جهنّم‌ و أهل‌ الجنّة‌ و كيفيّة‌ الوقوف‌ و الحساب‌ و الميزان‌ بالنسبة‌ لهم‌. و نظير هذه‌ الإحاطة‌ العلميّة‌ تحصل‌ لاولياء اللَه‌ في‌ هذه‌ الدنيا حال‌ حياتهم‌ و يقظتهم‌، و كثيراً ما أمكن‌ حصول‌ ذلك‌ لسالكي‌ طريق‌ اللَه‌ الذين‌ لم‌ يصلوا بعد الی مقام‌ التجرّد المطلق‌، و ذلك‌ بصورة‌ الحال‌ في‌ النوم‌ او في‌ اليقظة‌ لا بعنوان‌ ملكة‌ مستديمة‌
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ataa.forumegypt.net
 
الموت‌ هو نوم‌ ثقيل‌، و النوم‌ هو موت‌ خفيف‌
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صور دمها خفيف
» شراب دمه خفيف
» نكت دمها خفيف
» صور دمها خفيف
» قصة قصيرة دمها خفيف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عطاء القلوب :: الدين والحياه-
انتقل الى: